واقع الصحة بوارزازات كما عرّاه الممثل الشهير " دومنيك بورسي":
يعتبر الفيلم الامريكي " بابل" الذي حاز على 28 جائزة منها جائزة الأوسكار لأحسن موسيقى تصويرية، فيلما دراميا شيّقا، تم تصوير أحداثه بكل من أمريكا، المكسيك، اليابان والمغرب، وهو فيلم من اخراج المخرج المكسيكي " أليخاندرو غونزالس" وبطولة كل من " براد بيت" و" كيت بلانشيت"، والفيلم في الجزء الذي تم تصويره في المغرب قُدّم فيه هذا البلد كبلد تشبه فيه حياة الانسان واقع نظيره في عصور ما قبل التاريخ!
يحكي الفيلم إذن عن زوجين أمريكيين يقومان بجولة سياحية في مناطق الجنوب الشرقي للمغرب صحبة مجموعة من اصدقائهم بواسطة حافلة سياحة، لتصاب زوجة السائح "براد بيت" فجأة بواسطة طلق ناري طائش من بندقية ابن راع في المنطقة، الطلقة اصابت الزوجة "كيت بلانشيت" في عنقها ما اجبر الزوج على خوض صراع مع الوقت في محاولة لإنقاذ زوجته في قرية " تازارين" التي ينعدم فيها مستشفى ينقذها من موت هي على شفا حفرة منه. وفي انتظار استجابة السفارة الامريكية لنداء الزوج لإغاثة زوجته قامت عجوز متطوعة من المنطقة بوقف نزيف الزوجة بالكيّ وتخفيف ألمها ببضع " نْطرات" دخان القنب الهندي " الحشيش"!! لتلتحق بعد ذلك بالمكان طائرة " هيليكوبتر " لتقل الزوجة على وجه السرعة نحو احدى المصحات بالدار البيضاء، في احداث درامية تحبس انفاس المشاهد.
الفيلم ولو انه تمثيلي الا انه يقدم واقعا حقيقيا للوضع الصحي بمناطق الجنوب الشرقي، وهو عبارة عن رسالة قوية للمسؤولين في المغرب لتعميم الخدمات الصحية بكل ارجاء المغرب. واقع قام بتعريته ممثل أمريكي آخر بعد ان وقف على حقيقته المرة بنفسه كما سيأتي لاحقا.
تمر السنوات عن تاريخ انتاج فيلم "بابل" ليحل ببلدنا من جديد ممثل آخر لا يقل شهرة عن "براد بيت" وهو الممثل " دومينيك بورسي" بطل السلسلة الامريكية الشهيرة " بريزون بريك" والغرابة الصدف ان هذا الممثل وقع ضحية لحادث إبان تصويره لوقائع احد حلقات مسلسله الجديد، اذ وقع عليه عمود اصابه بأضرار في راْسه وهشم انفه، ليجد نفسه في وضع شبيه لوضع زوجة "براد بيت" في فيلم "بابل"، لتنتقل المشاهد بين الوضعين من فيلم تمثيلي الى واقع لكواليس مسلسل تمثيلي، حيث لا مستشفى لائق في مدينة قيل عنها انها هوليود افريقيا، ليتم نقل هذا الممثل بدوره - كما في الفيلم السابق- عن طريق طائرة هليكوبتر نحو الدار البيضاء للعلاج بعدما يئس منه في مدينة يتقاسم المرضى في مستشفاه المهترئ حياتهم البئيسة مع القطط!!.
تصريحات "دومنيك" حول واقع الصحة بوارزازات الذي تناقلته مختلف وسائل الاعلام الدولية كان موجزاً ودقيقا وشارحا للوضع في كلمات ذات مغزى عميق إذ قال؛"في وارزازات يجب تكون هناك مستشفيات تليق بالأعمال السينمائية الكبيرة التي تصور بالمدينة"!! تصريح تدين فيه ساكنة الجنوب الشرقي للمغرب بالكثير لهذا الممثل الذي أوصل واقع حالهم الصحي المزري لما وراء حدود المغرب، كما انه تصريح يضع الف علامة استفهام حول طريقة صرفه الدولة لما تجنيه من أرباح في مشاريعها في تلك المناطق، ومن مناجم المنطقة، فالصناعة السينمائية بوارزازات لوحدها حققت في سنة واحدة (2014) ايرادات تجاوزت سقف الأربعين مليار سنتيم!! فهل ستعمل هذه الدولة عبر وزارة الصحة على تصحيح هذا الاختلال ام انها ستكون وفية كعادتها لسياسة النعامة؟!.
المبالغون في التفاؤل من أبواق النظام والعياشة لابد انهم سيشيرون الى ان وارزازات تحظى بنصيبها من المشاريع على غرار سدّ عملاق استوديوهات ضخمة مشروع نور للطاقة الشمسية، غولف ملكي... وغيرها من المشاريع التي لا ارى منها سوى أنها كعلف يُقدم لعجل قصد تسمينه لذبحه، وخير دليل على ذلك أن واقع ساكنة وارزازات بقي على حاله في ظل هذه المشاريع العملاقة، كما بقيت شركات انتاج الأفلام السينمائية التاريخية تغريها وارزازات بمبانيها البدائية التي تساعدهم على ترشيد نفقات توفير مبان تاريخية بتشييدها من جديد، وتغريهم بواقع ساكنتها الذين يشتغلون لديهم ككومبارس لا يحتاج الى لمسة فنية تجعل منهم كأناس بدائيين، لانهم كذلك بفعل سياسة الدولة!!
الفرق اذن بين "براد بيت" و "دومنيك بورسي" في علاقتهما بوارزازات هو ان الاول قام بتمثيل واقع والثاني وقع ضحية للواقع الذي حاول الاول تمثيله، وبين الحادثين عشر سنوات كاملة لم يتغير خلالها شيء في واقع الساكنة الضحية، في انتظار عقود اخرى لعل وعسى!!.
محمد برشي (مقالة من أرشيف 2018)
يعتبر الفيلم الامريكي " بابل" الذي حاز على 28 جائزة منها جائزة الأوسكار لأحسن موسيقى تصويرية، فيلما دراميا شيّقا، تم تصوير أحداثه بكل من أمريكا، المكسيك، اليابان والمغرب، وهو فيلم من اخراج المخرج المكسيكي " أليخاندرو غونزالس" وبطولة كل من " براد بيت" و" كيت بلانشيت"، والفيلم في الجزء الذي تم تصويره في المغرب قُدّم فيه هذا البلد كبلد تشبه فيه حياة الانسان واقع نظيره في عصور ما قبل التاريخ!
يحكي الفيلم إذن عن زوجين أمريكيين يقومان بجولة سياحية في مناطق الجنوب الشرقي للمغرب صحبة مجموعة من اصدقائهم بواسطة حافلة سياحة، لتصاب زوجة السائح "براد بيت" فجأة بواسطة طلق ناري طائش من بندقية ابن راع في المنطقة، الطلقة اصابت الزوجة "كيت بلانشيت" في عنقها ما اجبر الزوج على خوض صراع مع الوقت في محاولة لإنقاذ زوجته في قرية " تازارين" التي ينعدم فيها مستشفى ينقذها من موت هي على شفا حفرة منه. وفي انتظار استجابة السفارة الامريكية لنداء الزوج لإغاثة زوجته قامت عجوز متطوعة من المنطقة بوقف نزيف الزوجة بالكيّ وتخفيف ألمها ببضع " نْطرات" دخان القنب الهندي " الحشيش"!! لتلتحق بعد ذلك بالمكان طائرة " هيليكوبتر " لتقل الزوجة على وجه السرعة نحو احدى المصحات بالدار البيضاء، في احداث درامية تحبس انفاس المشاهد.
الفيلم ولو انه تمثيلي الا انه يقدم واقعا حقيقيا للوضع الصحي بمناطق الجنوب الشرقي، وهو عبارة عن رسالة قوية للمسؤولين في المغرب لتعميم الخدمات الصحية بكل ارجاء المغرب. واقع قام بتعريته ممثل أمريكي آخر بعد ان وقف على حقيقته المرة بنفسه كما سيأتي لاحقا.
تمر السنوات عن تاريخ انتاج فيلم "بابل" ليحل ببلدنا من جديد ممثل آخر لا يقل شهرة عن "براد بيت" وهو الممثل " دومينيك بورسي" بطل السلسلة الامريكية الشهيرة " بريزون بريك" والغرابة الصدف ان هذا الممثل وقع ضحية لحادث إبان تصويره لوقائع احد حلقات مسلسله الجديد، اذ وقع عليه عمود اصابه بأضرار في راْسه وهشم انفه، ليجد نفسه في وضع شبيه لوضع زوجة "براد بيت" في فيلم "بابل"، لتنتقل المشاهد بين الوضعين من فيلم تمثيلي الى واقع لكواليس مسلسل تمثيلي، حيث لا مستشفى لائق في مدينة قيل عنها انها هوليود افريقيا، ليتم نقل هذا الممثل بدوره - كما في الفيلم السابق- عن طريق طائرة هليكوبتر نحو الدار البيضاء للعلاج بعدما يئس منه في مدينة يتقاسم المرضى في مستشفاه المهترئ حياتهم البئيسة مع القطط!!.
تصريحات "دومنيك" حول واقع الصحة بوارزازات الذي تناقلته مختلف وسائل الاعلام الدولية كان موجزاً ودقيقا وشارحا للوضع في كلمات ذات مغزى عميق إذ قال؛"في وارزازات يجب تكون هناك مستشفيات تليق بالأعمال السينمائية الكبيرة التي تصور بالمدينة"!! تصريح تدين فيه ساكنة الجنوب الشرقي للمغرب بالكثير لهذا الممثل الذي أوصل واقع حالهم الصحي المزري لما وراء حدود المغرب، كما انه تصريح يضع الف علامة استفهام حول طريقة صرفه الدولة لما تجنيه من أرباح في مشاريعها في تلك المناطق، ومن مناجم المنطقة، فالصناعة السينمائية بوارزازات لوحدها حققت في سنة واحدة (2014) ايرادات تجاوزت سقف الأربعين مليار سنتيم!! فهل ستعمل هذه الدولة عبر وزارة الصحة على تصحيح هذا الاختلال ام انها ستكون وفية كعادتها لسياسة النعامة؟!.
المبالغون في التفاؤل من أبواق النظام والعياشة لابد انهم سيشيرون الى ان وارزازات تحظى بنصيبها من المشاريع على غرار سدّ عملاق استوديوهات ضخمة مشروع نور للطاقة الشمسية، غولف ملكي... وغيرها من المشاريع التي لا ارى منها سوى أنها كعلف يُقدم لعجل قصد تسمينه لذبحه، وخير دليل على ذلك أن واقع ساكنة وارزازات بقي على حاله في ظل هذه المشاريع العملاقة، كما بقيت شركات انتاج الأفلام السينمائية التاريخية تغريها وارزازات بمبانيها البدائية التي تساعدهم على ترشيد نفقات توفير مبان تاريخية بتشييدها من جديد، وتغريهم بواقع ساكنتها الذين يشتغلون لديهم ككومبارس لا يحتاج الى لمسة فنية تجعل منهم كأناس بدائيين، لانهم كذلك بفعل سياسة الدولة!!
الفرق اذن بين "براد بيت" و "دومنيك بورسي" في علاقتهما بوارزازات هو ان الاول قام بتمثيل واقع والثاني وقع ضحية للواقع الذي حاول الاول تمثيله، وبين الحادثين عشر سنوات كاملة لم يتغير خلالها شيء في واقع الساكنة الضحية، في انتظار عقود اخرى لعل وعسى!!.
محمد برشي (مقالة من أرشيف 2018)
تعليقات
إرسال تعليق